منتدى صعوبات التعلم لدى الأطفال
تاريخ النشر: 15/2/2017
رم: ص ت/ 2/ 17
صعوبة القراءة المحددة
(عسر القراءة / الدسلكسيا)
إعداد: حمادة عبدالسلام
يُصْدَمُ بعض الآباء عندما يُشَخّص أطفالهم بأنهم يعانون من الدسلكسيا، ويغرقون في بحر من الأسى والحزن ...بل ويصابون بالإحباط وخيبة الأمل...ويعتورهم يأس وقلق حول مستقبل أبنائهم الأكاديمي والمهني... وهم في حيرة وارتباك من هذا المصطلح " الدسلكسيا" الذي لم يسمعوا به من قبل..ويتبادر إلى أذهانهم أسئلة كثيرة: ما هي الدسلكسيا؟ أهي حالة أم مرض؟ ما مظاهرها أو أعراضها؟ ما أسبابها؟ وهل يمكن التغلب على آثارها أو الشفاء منها؟
إن مصطلح الدسلكسيا يرجع في أصله إلى الكلمة الإغريقية (اليونانية) المؤلفة من مقطعين، هما " "dysومعناها " صعوبة " وَ " lexis " ومعناها " الكلمة المكتوبة "، فأصبحت تُعْرَف في اللغة الإنجليزية بشكلها الحالي " dyslexia " ومعناها " صعوبة في تحليل الكلمة المكتوبة لقراءتها على نحو صحيح" ، علماً بأن طبيب العيون الألماني " برلين " Berlin هو أوّل من استخدم هذا المصطلح في عام 1983.
ومع أن الدسلكسيا يناظرها في العربية مفهوم " عُسْر القراءة " أو " صعوبة القراءة المحددة" أو " صعوبة التعلم المحددة في القراءة "، إلّا أن بعض التربويين يفضلون استخدام مفهوم"صعوبة التعلم في اللغة" لاعتقادهم أن الصعوبة التي يواجهها الطفل أو الطالب في عملية التعلم لا تقتصر على مهارات القراءة فحسب؛ بل تطال أيضاً مهارات لغوية أخرى.
تعريف الدسلكسيا
مع أن هناك تعريفات كثيرة للدسلكسيا ، إلّا أننا سنعرض اثنين منها لإلقاء الضوء على مضمون هذا المفهوم .
تعريف الجمعية الدولية للدسلكسيا (2008)
" الدسلكسيا صعوبة تعلم تخص اللغة، وتشمل مجموعة من الأعراض التي تؤدي إلى صعوبات تتعلق باللغة، وتحديداً القراءة، ويواجه ذوو الدسلكيا أيضاً صعوبات في الإملاء، والكتابة، ونطق الكلمات. وتؤثّر الدسلكسيا على الفرد طيلة حياته، إلّا أن درجات التأثر قد تتغير عبر مراحل حياة الشخص. وتُعَدّ الدسلكسيا صعوبة تعلم، لأنها يمكن أن تعيق نجاح الفرد في حياته الأكاديمية أوالمدرسية إذا ما دُرِّس بالطرق التقليدية. وفي حالات الدسلكسيا الشديدة يجب أن يتلقى الفرد ذو الدسلكسيا تعليماً خاصاً، وتدريبات خاصة أو مساعدة خاصة.
تعريف الجمعية البريطانية للدسلكسيا(2008)
عَرَّفت هذه الجمعية الدسلكسيا بأنّها" صعوبة تعلّم خاصّة أو محدّدة تؤثِّر على تطوّر القراءة والكتابة والمهارات المتعلّقة بهما، وهي ، على الأرجح، موجودة لدى الفرد منذ الولادة، وتتواصل معه طيلة حياته، ومن خصائصها: صعوبات في المعالجة الصوتية، والتسمية السريعة للأسماء، والذاكرة العاملة، وسرعة معالجة المعلومات، والتطور التلقائي للمهارات، والتي قد لا تتماشى مع القدرات العقلية الأخرى لدى الفرد. وعادة ما يصعب تدريس ذوي الدسلكسيا بالطرائق التعليمية التقليدية، ويمكن تخفيف أثر الدسلكسيا ببرنامج تدريس خاص."
أعراض/ مظاهر الدسلكسيا
فيما يلي بعض أعراض الدسلكسيا في مرحلة ما قبل المدرسة وخلال الصفين الأول والثاني:
في مرحلة ما قبل المدرسة
• صعوبة في تعلّم الكلام لدى الطفل؛ أي يتأخر الطفل في الكلام مقارنة بمعظم الأطفال الذين هم في عمره الزمني.
• صعوبة في لفظ الكلمات بشكل صحيح أو صعوبة في التعبيرعن أفكاره بوضوح.
• صعوبة في الإستماع أو الإصغاء.
• صعوبة في تذكّر أسماء الأشياء.
• صعوبة في تسميع أناشيد الروضة كأقرانه.
• صعوبة في تطوير المهارات الحركية مقارنة بأقرانه، حيث تتجلى في صعوبة التزرير، القص، والتلوين.
في الصف الأول أو الصف الثاني
• صعوبة في تعلّم الحروف الهجائية
• صعوبة في سلسلة الحروف أو الأعداد
• صعوبة في الوعي الصوتي( فصل أصوات الكلمة أو التلاعب بها)
• صعوبة في ترتيب الكلمات داخل الجملة وتذكّرها
• صعوبة في الاستيعاب الإستماعي أو القرائي أو كليهما
أعراض / مظاهر أخرى قد ترافق الدسلكسيا
• قدرة ضعيفة على إنهاء العمل المدرسي في الوقت المحدد
• مسسكة ضعيفة أو غير صحيحة للقلم وخط يدوي غير منتظم
• ضعف انتباه وقدرة ضعيفة على الإنكباب على المهمة التعلمية
• إحساس ضعيف بالوقت أو المكان
• إدراك ضعيف لمفاهيم قبل/ بعد، يمين / يسار
• صعوبات في الحساب أو الرياضيات
• عادات دراسية سيئة وعجز عن إكمال الواجب البيتي
أنماط الدسلكسيا
قبل الحديث عن أنماط الدسلكسيا لا بدّ لنا من التمييز بين الدسلكسيا التطورية التي تصيب الطفل لأسباب تعود إلى فترة ما قبل الولادة أو في أثنائها أو بعدها؛ أي التي تصيب الطفل قبل تعلمه القراءة، وَ الدسلكسيا المكتسبة التي تصيب الطفل بعد تعلّمه القراءة ، والناتجة عن تعرضه لحادث أو مرض يؤثر على وظائف الدماغ فيفقد الطفل أو الطالب، عندئذٍ، القدرة على القراءة.
ويرى بعض الباحثين أن للدسلكسيا ثلاثة أنماط فرعية ، هي:
• الأطفال ذوو العيوب اللغوية السمعية. يَظهرلدى الطفل ذاكرة سمعية تتابعية ضعيفة، صعوبات في المزج الصوتي، صعوبات في التمييز بين الأصوات، ومشكلات في التهجئة والإملاء. وهذا النمط هو الأكثر شيوعاً. ويتجلى لدى الأطفال الذين يعانون من هذا النمط ما يلي:
- يخلطون بين الأصوات المتقاربة، مثلاً، د/ت، ذ/ظ ، س/ص ، م/ن ، ت/ط...
- يحذفون بعض المقاطع الصوتية أو أجزاء منها(مثلاً، "شَمائِلُهُ " يقرؤونها"شَمالُهُ".
- يلفظون بعض الكلمات بشكل مخطوء(مثلاً، عصفوري يلفظونها "عٌفْصوري".
• الأطفال ذوو العيوب المجالية البصرية. لدى هؤلاء الأطفال ذاكرة بصرية تسلسلية ضعيفة، تمييز بصري ضعيف،صعوبات في التحليل والتركيب البصري، مشكلات في الاتجاه، صعوبة في كتابة الكلمات غير القياسية( الشاذة) عندما تُملى عليهم. فهؤلاء الأطفال:
- يكتبون الكلمات الإملائية كما يسمعونها( مثلاً، "لكن" يكتبونها "لاكن")
- يخلطون في تسلسل الحروف(مثلاً، "عانَدَ" يقرؤونها " عادَنَ")
- يخلطون بين الكلمات المتشابهة شكلاً( مثلاً،" حديقة" يقرؤونها" حقيبة")
- يضيفون كلمات غير موجودة في النص، يقرؤون ببطء شديد أي كلمة كلمة، يعكسون بعض الكلمات عند القراءة.
• الأطفال ذوو العيوب المختلطة( اللغوية السمعية والمجالية البصرية). ويتجلى لدى الطفل خليط من المظاهر الواردة أعلاه في النمطين السابقين .
أسباب الدسلكسيا
لم يتفق الباحثون على العوامل السببية للدسلكسيا ، فبعضهم يرى أنها ناتجة عن اضطراب وراثي أو جيني وأنها تنتقل في الأسر ؛ من الآباء إلى الأبناء. ويرى باحثون آخرون أن الدسلكسيا ناجمة عن شذوذات في عمل مناطق في الدماغ مسؤولة عن القراءة والكتابة. بينما يعزو آخرون السبب إلى مشكلات إدراكية بصرية أو سمعية أو كليهما. ويرى فريق من الباحثين أن سبب الدسلكسيا عائد إلى مشكلات في الذاكرة القصيرة أو العاملة، في سرعة التسمية، أو في الوعي المعرفي.
هل يمكن التغلب على الدسلكسيا؟
مع أنّ الدسلكسيا حالة تبقى مع الفرد مدى الحياة ، إلّا أن معظم الأطفال ذوي السلكسيا قادرون على التغلب على آثارها وتحقيف النجاح المدرسي من خلال تقييم وتشخيص دقيقين ، وتصميم وتنفيذ برامج علاجية فردية مقرونة بدعم عاطفي من قبل الوالدين والمعلمين.
أهم خصائص البرنامج التعليمي لذوي الدسلكسيا
• تَوَفُّر معلمين مدربين جيدا للتعامل مع ذوي الدسلكسيا
• برنامج تدريبي على الوعي الصوتي
• تعليم مباشر للمفاهيم والمهارات اللغوية
• تعليم تعددي الحواس
• تدريس منتظم يقوم على تحليل المهمة التعليمية وإتقان الطفل كل خطوة قبل التقدم إلى الخظوة التالية
• القراءة بالكتاب المسجل
• القراءة بالتأثير العصبي
• استخدام الكميوتر في التدريس
لماذا لا تنجح البرامج التقليدية في تعليم ذوي الدسلكيا
مهارات القراءة والكتابة ؟
لأن هذه البرامج التقليدية مصممة للأفراد العاديين، ولا تناسب الطلبة ذوي الدسلكسيا الذين يعالجون المهارات اللغوية بطرق مختلفة عن الأفراد العاديين.فذوو الدسلكسيا بحاجة إلى تعليم منظم ومتعدد الحواس...وعادة ما يكون هؤلاء الأفراد مفكّرين جيدين لكنهم بحاجة إلى أن يفهموا كيف يتعاملون مع المهمة التعليمية. لذا فإن أكثر البرامج نجاحاً في تعليمهم هو البرنامج الذي يعتمد التدريس المباشر الصريح للمهمة التعليمية بالطريقة الصوتية المسبوقة ببرنامج تدريبي على الوعي الصوتي.
الخاتمة...
وأخيراً..يمكن القول إنّ
• الدسلكسيا حالة تُعالَج ببرنامج تربوي فردي وليست مرضا يُعالَج بالأدوية والحمية الغذائية.
• الدسلكسيا ليست ناجمة عن قدرات عقلية صعيفة، بل عادة ما يكون ذوو الدسلكسيا أذكياء وموهوبين في مجالات معينة.
• العلاج المبكر أساسي لذوي الدسلكسيا.
الرئيسية 